صهيب جاسم: تجمع للجبهة الدفاعية الإسلامية في إندونيسيا التي اشتُهرت بالرغم من صغر حجمها كجماعة ضغط ناشطة زعميها هو الحبيب رزق شهاب شخصية بارزة من فئة اجتماعية تعرف بالحبائب الحضارمة، يُعد هؤلاء علامة فارقة في أوساط زوي الأصول الحضرامية في إندونيسيا ويختلف الدارسون في تقدير أعداهم ما بين سبعة وعشرة ملايين نسمة، حافظ الحضارمة على هويتهم الخاصة وعلى كونهم إندونيسيين في حياتهم العامة ولكن بعد أن كانوا روادا في القيادة الدينية تراجعت مكانهم نسبيا خلال العقود الأخيرة لصالح العلماء من المواطنين الأصليين لذلك عمل بعضهم على إحياء الثقافة العربية مجددا من خلال إرسال أبنائهم للدراسة في دول عربية.
الحبيب أنيس بن علوي الحبشي - إمام مسجد الرياض في مدينة صولو بجاوا الوسطى: كثيرا من الطلبة أبنائنا يتكلمون بالعربية وعندهم ثقافة إسلامية بالخصوص الأمور الدينية وفي الدين هذا أتجه إلى الفقه بالخصوص والحديث بالتفصيل عندنا كثير من الأولاد الشبان تخرّجوا من البلاد العربية فاستطعنا أن نبثهم في كثير من الأماكن.
صهيب جاسم: للحبائب الحضارمة مؤسسات تعليمية وخيرية عديدة كمعهد الهدى في مدينة سورابايا الذي يستفيد من منهج معهد دار المصطفى في تارين بحضرموت، إنه مثال على ظاهرة عودة قسم من الحضارمة إلى اكتشاف هويتهم فبروزهم في العلم الشرعي وتحدثهم العربية مع كونهم إندونيسيين يفتح لهم المجال للتميز في المجتمع والارتقاء في سلك الدولة.
محمد العبد الله - مدرس في معهد الهدى في مدينة سورابايا - إندونيسيا: نستعمل الأصلح في دار المصطفى في إندونيسيا لأن البيئة طبعاً مختلفة، البيئة الموجودة في اليمن في حضرموت والبيئة في إندونيسيا خاصة في سورابايا طبعا مختلفة وبالنسبة للعقول عقول العرب وعقول العرب الموجودين المولّدين في إندونيسيا طبعاً مختلفون.
صهيب جاسم: لكن البعض من عرب إندونيسيا أتخذ طريق آخر تمثَّل في ظهور مؤسسات اندمجت في التعليم الإندونيسي، حدث ذلك بعد خلافات بينهم في النصف الأول من القرن الماضي تراجعت حدتها اليوم وكان لها انعكاسات على الحياة الثقافية.
ياسمين شهاب - مؤرخة من أصل حضرمي في جامعة إندونيسيا: الخلافات قصة قديمة فقد شجع الاستعمار الهولندي الإيقاع بين العرب لأن كثيراً منهم قادوا الكفاح الوطني من أجل الاستقلال ولهذا عمل البريطانيون والهولنديون على تشجيع العرب بشكل غير مباشر على الخروج بمحاور وتكتلات تشق الصفوف وقد حصلت الهوة لفترة بين فئة الحبائب الحضارمة وفئة جمعية الإرشاد.
صهيب جاسم: يعاني حضارمة إندونيسيا من إشكالية قلة مَن يتقنون اللغة العربية منهم، في مدينة الشرقية غيرسك بجاوا الشرقية مررنا بحي عربي آخر التقينا فيه بحضارمة جلهم من كبار السن يجتمعون بانتظام ويقرؤون كتباً في اللغة والأدب والفقه والتاريخ حفاظا على لغة الضاد، لغة الضاد التي لحق بها ضيم كبيرا بسبب طغيان الثقافة المحلية وعدم حرص الآباء على تعليمها للأبناء الأمر الذي أدى أيضا إلى تراجع الأدب العربي في هذا المهجر.
علي مطهر أبن عقيل - كاتب ومؤرخ حضرمي - مدينة غيرسك بجاوا: ووجّهنا نظرنا إلى الأدب العربي في المهجر أي عندنا هنا في جاوا فلا تقل من ستين شاعر وشعرهم من المستوى الأدبي.
صهيب جاسم: كان ذلك قبل عقود أما اليوم فالقليل مَن أبقى على مكتبات ومخطوطات توارثها عن الآباء والأجداد وربما كان محمد السقاف محظوظاً لتقديره قيمة ما لديه من مكتبة توارثها عن أسرته بينما انشغل آخرون بالمتاجرة بالكتب دون قراءتها كما هو حال سوق المكتبات العربية في مدينة سورابايا التي تخفي واقعا مرّاً
محمد أبو بسيط - مدير مكتبة محمد نبهان - الحي العربي في سورابايا: كنا أول دار لنشر الكتاب العربي هنا ولكن الحال تغير بعد ستين عاماً، أغلبية من يطلبون هذه الكتب هم طلاب العلوم الشرعية من الإندونيسيين الأصليين وليسوا من ذوي الأصول العربية الذين لم يعودوا متحمسين للاهتمام بلغتهم إلا القليل.
صهيب جاسم: فكثير من الحضارمة من دفعوا لغتهم ثمناً لاندماجهم في المجتمع الإندونيسي ولكنه اندماج له إيجابياته أيضاً فقد قدموا من خلال هذا الاندماج خدمات مختلفة من بينها مؤسسات جمعية الإرشاد.
أحمد باكرمان - مدير مستشفى جمعية المسلمين بسورابايا: منذ أن قمت بتأسيس المستشفى في الستينات إبان مذابح الشيوعيين كنّا نسعى لتقديم البديل عن المستشفيات الأخرى لخدمة عموم الفقراء والمساكين، نحن لا نبحث عن الربحية ولهذا نحتاج إلى دعم المحسنين في العالم العربي لتوسيع عملنا الخيري.
صهيب جاسم: تجارياً كان للعرب مكانة اقتصادية بارزة في تجارة المنسوجات والعقارات تمتد إلى عدة قرون لكن النفوذ التجاري العربي تراجع لتغيرات في منظومة الاقتصاد الإندونيسي وظهور أجيال جديدة من الشركات مع توسع الاستثمارات الأجنبية.
ياسمين شهاب: تراجع نفوذ التجار العرب لضعف التضامن الاقتصادي بينهم فيما كان للصينيين هيئات في أنحاء إندونيسيا تحركوا من خلالها للسيطرة على مِهن طالما ارتبطت بالعرب الذين اندمجوا ثقافياً واقتصادياً مع غيرهم في المجتمع الإندونيسي ولم يعودوا مرتبطين بقطاع مخصص أو عمل جري معين.
صهيب جاسم: إلى جانب المئات من القوميات والإثنيات من السكان الأصليين في إندونيسيا والذين يتحركون في هجرات مستمرة بين جزر الأرخبيل الكبير فإن قومية مهاجرة كالعرب تضيف بعداً متميزاً بتأثيرهم وتأثرهم بمَن حولهم ومن الطبيعي أن يشهد الدور الملاحظ للعرب في إندونيسيا فترات صعود وفتور تأثراً بالأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في إندونيسيا وأيضاً لأسباب تتعلق بكينونة الأقلية العربية في هذا البلد، صهيب جاسم لبرنامج مراسلو الجزيرة من أسواق الحي العربي لمدينة سورابايا جاوا الشرقية.
No comments:
Post a Comment